دراما على طريقة عبدالوهاب «علشان الشوك اللى في الورد.. بحب الورد»!

مقالات

دراما على طريقة عبدالوهاب «علشان الشوك اللى في الورد.. بحب الورد»!

كتب : طارق الشناوي

الخريطة تغيرت، هذا منطقي، كل شيء قابل للتغيير، في الحياة الفنية كثيرًا ما تتم إعادة «تفنيط كوتشينة النجوم»، تغيرت المنظومة، وتبدلت المعايير، وأصبحنا نعيش في ظل قانون الهرم المقلوب، الذي يعني أن العصمة صارت بيد النجوم.

في لحظة صراحة، قال لي المخرج الشاب، إنه ظل يطارد النجم الشهير بضعة أشهر، حتى يوافق أن يعرض عليه مشروعه الفني، قال له النجم وبكل تعالٍ، بعد طول انتظار: «مبدئيًا أنا موافق، وطلب منه أن يشرح له رؤيته الإخراجية، ليحدد بعدها موقفه النهائي».

أجابه المخرج بأن الرؤية هي حقه المطلق، وعليه أن يمنحه الثقة، ليتحمل المسئولية أمام الجمهور، جاء رد النجم حاسمًا: «لا تنسى أن الجمهور يتابعني أنا أولًا، يحاسبني أنا أولًا»، ومن بعدها تعطلت لغة الكلام، وعاد المخرج الشاب للمربع رقم واحد، يبحث عن نجم يؤمن بأن من حق المخرج تقديم رؤيته بلا وصاية مسبقة من أحد.

أغلب مخرجينا، حتى عدد من الكبار منهم، صاروا يقدمون فروض الطاعة والولاء للنجم صاحب الرأي الأول والأخير في المنظومة السينمائية.

في الحياة الفنية كثيرًا ما تتحول معالم الضعف إلى مظاهر قوة، المخرج صاحب الإرادة في كثير من الأحيان مستبعد، النجم يريد أن يعمل تحت مظلة المخرج المطيع، الذي ينفذ أوامره، وهكذا قد يبتعد عن العمل مخرجون موهوبون، بينما يتواجد بكثرة في السينما والدراما التليفزيونية، هؤلاء الذين يقع اختيار النجوم عليهم، وهم واثقون تمامًا من تنفيذهم دون حتى مناقشة، لما يريده النجم، ضعفهم هو سر قوتهم.

الخضوع يصل بالمخرج إلى توصيل رسالة علنية، ليس فقط للنجم الذي يعمل معه، ولكن للنجوم الآخرين، بأنه سيظل دائمًا وأبدًا حريصًا على ألا يغضبهم، وأن مبدأه هو «علشان الشوك اللي في الورد بحب الورد»، ومع الأسف فإن أغلب نجومنا يفضلون العمل مع هؤلاء الذين يتعاملون بأريحية مع أشواك الورد، رغم أن التجربة العملية أثبتت أن النجم حتى يحتل مكانة ينبغي أن يستند إلى وجهة نظر مخرج.

مثلًا في مرحلة فارقة في مطلع عقد التسعينيات من القرن الماضي، تعاون عادل إمام مع المخرج شريف عرفة الذي قدم مجموعة من الأفلام، بدءًا من «اللعب مع الكبار» الذي كتبه وحيد حامد تشعر فيه بروح مخرج لديه عالمه الخاص، صحيح أن الثلاثة، الكاتب والمخرج والنجم، التقوا في منطقة إبداعية متوسطة، إلا أنه يظل لدينا مخرج صاحب رؤية.

قال لي وحيد إن شريف حرص على أن يقول له «أفلامي السابقة لم تحقق إيرادات، وربما يعترض عادل على ترشيحك لي»، رد وحيد «هذا فيلم شريف عرفة وليس فيلم عادل إمام».

من صالح النجوم أن يدركوا حاجتهم إلى عين مخرج، إلا أن النسبة الغالبة من النجوم يبحثون فقط عن المخرج المنفذ لأفكارهم، ولهذا كثيرًا ما تغيب عن الشاشة أسماء مخرجون كبار، لا أعني بكلمة كبار المرحلة العمرية، ولكن العطاء الفني، الذي لا يمكن قياسه بالزمن، عدد من الأفلام السينمائية المغايرة للسائد، اعتمدت على نبض مخرجيها أكثر من سيطرة نجومها، إلا أن نجوم هذا الجيل صار أغلبهم يبحثون عن محدودي الإرادة والموهبة، المخرج مهيض الجناح، الذي تمت قصقصة ريشه هو المطلوب لأنه داخل الاستديو «لا يهش ولا ينش» فقط ينفذ بلا قيد ولا شرط ولا حتى مناقشة أوامر، النجم صاحب العصمة مرددًا: «علشان الشوك اللي في الورد بحب الورد»!