د. هيثم بدران : الكشف المبكر عن الأورام

مقالات

د. هيثم بدران : الكشف المبكر عن الأورام.

كلما تمكن الأطباء من الكشف مبكرًا عن التغيرات التى تصيب الأنسجة، ازدادت فرص استئصال الأورام السرطانية بأقل المضاعفات الممكنة.. فالكشف المبكر عن السرطان، قد ينقذ حياة الكثيرين من الأشخاص المصابين بهذا المرض.

يعتبر التشخيص المبكر أمرًا فى غاية الأهمية لمنع نمو السرطان وانتشاره، إذ من الأسهل علاج السرطان فى مراحله الأولى عندما يكون أصغر حجمًا، وتكون فرص نجاح علاجه أكبر، لا سيما أن بعض أنواع السرطانات تنشأ من مراحل ما قبل التسرطن، أى قبل تحولها إلى ورم خبيث، إذ قد يشير الكشف المبكر إلى إمكانية تضاعف خطر تطور الورم.

هذا ينطبق على سرطان القولون وسرطان الجلد وسرطان عنق الرحم.. وإليكم خمسة فحوصات يُنصح بها لأن الكشف المبكر قد يكون بمثابة وقاية لمنع تطور الحالة إلى وضع خطر.

سرطان القولون
من خلال فحص القولون بالمنظار يمكن إزالة الأورام الحميدة، أيضًا، قبل تطورها لمرحلة الورم الخبيث، ويكون المنظار غير مؤلم تمامًا، وذلك بفضل الأبحاث المتطورة، كما بات التحضير لإجراء المنظار فى أيامنا هذه أقل إزعاجًا مما كان عليه سابقًا، حين كان يتحتم على المريض شرب أربعة لترات من كبريتات الصوديوم من أجل تنظيف الأمعاء، أما حديثًا فتم تحسين هذا السائل ليصبح مذاق مادة تنظيف الأمعاء مقبولًا إلى حد ما، هذا بالإضافة إلى تخفيض الكمية المطلوبة إلى لترين بدلًا من أربعة.

وهناك حلول إضافية ممكنة كشرب 150 ملليلترًا من السائل لمرتين بشكل متعاقب، وشرب الكمية الباقية بسلاسة أكثر كالماء أو الشاى.
من ناحية أخرى، يكون المريض تحت تأثير المخدر الموضعى أثناء إجراء الفحص، بحيث لا يشعر بأى ألم.

ويعتبر سرطان القولون خبيثًا بشكل خاص، إذ قد يتطور وينمو على مدى سنوات دون ظهور أى أعراض فى المراحل المبكرة، وإن لم يتم الكشف عنه فى الوقت المناسب، قد يكون قاتلًا.
الجدير بالذكر أن الفحص أو الكشف المبكر عن السرطان، قد يمنع ما يقارب ٨٠٪ من تطور الورم لهذه الحالة.

سرطان الجلد

يتطلب الكشف عن سرطان الجلد فحص الجلد كليًا، بالإضافة إلى فحص المناطق التى لا تتعرض للشمس إطلاقًا، كالثنيات تحت الوركين أو حول الأعضاء التناسلية أو خلف الأذنين.

ويتمكن طبيب الأمراض الجلدية الماهر من تحديد نوع بشرتك بنظرة واحدة فقط، ومن ثم التركيز أكثر على المناطق التى تتطلب اهتمامًا خاصًا.. فلو كنت من الأشخاص الذين تظهر لديهم الكثير من الشامات أو البقع الجلدية، من المؤسف القول إن نسبة إصابتك بسرطان الجلد أكبر من غيرك ممن لا يملكون العديد من هذه البقع والشامات.. فى هذه الحالة يتوجب على الطبيب أن يكون شديد الانتباه لعدد هذه البقع ونوعها وأماكن تواجدها.

أما إذا كنت من أصحاب البشرة البيضاء مع انتشار الكثير من النمش أو الكلف على بشرتك، فأنت أكثر عرضة للإصابة بسرطان الخلايا القاعدية.

هذا الورم الخبيث الأكثر شيوعًا وانتشارًا من سرطان الجلد، وفى جميع الأحوال فإن فرص نجاح العلاج والشفاء الكامل من كلا النوعين تصل إلى ٩٠٪، وقد تزيد هذه النسبة فى حال تم الكشف عنه فى الوقت المناسب.

سرطان الثدى

أصبح «الماموجرام» إجراءً معروفًا فى عالم النساء، وهو التصوير الشعاعى للثدى، إذ يعتبر الأكثر شيوعًا فى الوقت الراهن؛ كوسيلة للكشف عن التغيرات المرضية فى الأنسجة فى وقت مبكر.
ويقوم الأطباء أثناء الفحص بالبحث عن علامات المراحل المبكرة لسرطان الثدى، كالكتل أو التكلسات الصغيرة التى لا يمكن الشعور بوجودها أثناء الفحص الذاتى للثدى، فضلًا عن إمكانية فحص الكتل الكبيرة المحسوسة.

ولتحقيق جودة عالية للصورة وأكثر دقة، يجب أن يُضغط الثدى بين لوحين شعاعيين، حيث يتم أخذ صورتين للثدى من زوايا مختلفة، وقد يكون هذا الإجراء مؤلمًا تبعًا لطبيعة أنسجة الثدى وحالة الجسم.

سرطان البروستاتا

هذا النوع من الأورام الخبيثة يشكل رعبًا يصيب الرجال غالبًا بعد سن الأربعين؛ لذا من المهم جدًا أن يقوم الرجال فى منتصف العمر بالفحص وبشكل خاص؛ لأن هذا الورم لا يمكن تشخيصه إلا فى مراحل متأخرة، لا سيما أنه غير مصحوب بأى أعراض جانبية يمكن ملاحظتها أو تمييزها فى مراحله المبكرة.

يقوم الطبيب بفحص غدة البروستاتا عن طريق استشعارها عبر المستقيم لفحص أى تغيرات فى حجمها أو أمور غير طبيعية، بالإضافة إلى ذلك من الممكن إجراء الفحص عن طريق الموجات فوق الصوتية عبر المستقيم أيضًا، ويتوجب على الطبيب أخذ عينة من الدم للكشف عن أى تركيزات عالية لمادة مضاد البروستاتا المحدد، التى تفرزها غدة البروستاتا للتأكد من وجود أو عدم وجود نمو سرطانى.

سرطان عنق الرحم

تنجم معظم حالات سرطان عنق الرحم عن فيروس «HPV» الحليمى البشرى، الذى ينتقل عبر الاتصال الجنسى.. عمومًا، تُشفى هذه العدوى دون وجود أعراض غير مريحة أو أمراض خبيثة، لكن بعض أنواع هذا الفيروس قد يكون خطيرًا ويؤدى إلى الإصابة بالسرطان، وللكشف المبكر عن سرطان عنق الرحم يُجرى فحص «مسح عنق رحم»، الذى يساعد فى الكشف عن التغيرات التى أصابت عنق الرحم فى المراحل الأولى قبل التسرطن، مما يضاعف فرص علاجها قبل أن تتحول إلى ورم خبيث.

من ناحية أخرى، ظهور نتائج غير طبيعية لمسح عنق الرحم لا يعنى بالضرورة وجود ورم خبيث، وحتى عند وجود الأنسجة المتضررة، من الممكن إزالتها والشفاء التام منها، لكن فى الوقت الحاضر، ينصح الأطباء، الشابات، بالحصول على لقاح ضد فيروس «HPV» الحليمى البشرى؛ لتجنب الإصابة ونقل هذا الفيروس.

نسأل الله السلامة للجميع