بداية جديدة.. الاختلاف لا يفسد للود قضية.
لايف كوتش: فاطمة مصطفى
توارثت الأجيال، منذ عدة عصور، مقولة نرددها إلى الآن «الاختلاف لا يفسد للود قضية»، بل وصلت بنا الحال لدرجة الاقتناع بها ونشرها في كل موضوعاتنا الحياتية، ونحاول أن نقرب وجهات النظر من خلالها، وتكون هي المخدر والمسكن السحري عند النقاش أو الدخول في جدال قوي وصارم.
رددها معي عزيزى القارئ بكل هدوء وتركيز وذهن صاف، وانس وتغافل عن التراث السابق كأنك أول مرة تقرأوها، واسال نفسك بعض الأسئلة: هل فعلًا تستطيع العيش والتعايش في كل مجالات حياتك اليومية مع أشخاص مختلفين عنك؟، هل ستسعد بالاستقرار النفسي والسلام الداخلي؟، هل ستتعامل بكل أريحية؟، هل ستحب وجودك مع هذه المجموعة طوال الفترة التي تعيش فيها، أم ستبحث عمن هم شبهك في الطباع والثقافة والأخلاق والميول والأهداف؟.. أراك الآن تراجعت عن فكرة ترديد هذه الجملة أو حتى الموافقة عليها، وترغب في ترتيب وتغيير بعض المفاهيم المتوارثة.
تعال معي سوف آخذك في جولة سريعة لتغيير هذه المفاهيم الخاطئة وبالإقناع، وسأترك لك الحكم.
الاختلاف موجود، وهو سنة الله سبحانه وتعالى في خلقه، حيث إنه أبدع في خلق هذا الاختلاف، ولكن لكي يرضى جميع فئات البشر، لأن الله يعلم نحن البشر لا نتفق نهائيًا على شيء واحد، ميولنا مختلفة، رغباتنا مختلفة، عقلنا مختلف، ولهذا جاء وصنع الاختلاف.. أي الاختلاف جاء لإرضاء البشر ولتيسير أهدافهم ورغباتهم، وفق ما يرضون ويبحثون عنه، وليس للموافقة عليه والتعايش معه.. أراك الآن تشعر بحالة من تشتيت الذهن والتوهان.
بطريقة أخرى، رغبات الأشخاص وميولهم تتغير من فئة إلى أخرى، وأيضًا أهدافهم وتنشئتهم الاجتماعية، لهذا خلق الله الاختلاف لكي يختار كل منا ما يناسبه في حياته اليومية، سواء أشخاصًا، أو أماكن عمل، أو علاقات إنسانية.. كل مجموعة سذهب وتميل للتعايش مع المجموعة التي تشبهها فيما سبق، وهي حق لكل فرد فينا، نحن نذهب لمن يشبههنا، لمن تكون روحه ملامسة لأرواحنا، وبالطبع يوجد بعض الاختلافات البسيطة لا تتعدى 15%، لأن الأشخاص مع مرور الوقت تتغير تفاصيل حياتهم وثقافتهم وميولهم؛ ماذا لو مع مرور الوقت زادت هذه النسبة؟ بالتأكيد سيحدث نفور وعدم تفاهم وعدم رغبة في التواجد داخل هذه المنظومة زأًا كانت «جواز، عمل، صداقة»، حتى داخل العائلة الواحدة لو زادت نسبة الاختلاف سيحدث انهيار داخلي للأسرة.
هل بعد كل هذا الشرح المبسط الواضح، ستردد عزيزي القارئ مقولة «الاختلاف لا يفسد للود قضية»، سوف أترك لك الإجابة كما ذكرت في أول المقال، ولك حرية الاختلاف والرأي، ولكن عليك أن تعي أن ميولك واختياراتك وثقافتك الاجتماعية وأهدافك، هي من تقودك لمن هم شبهك، وليس هذا بعيب أو بميزة، بل هي ميول ورغبات نحددها بأنفسنا.
بداية جديدة