الكريسماس بين أمل السلام وأحلام عام أفضل

مقالات

الكريسماس بين أمل السلام وأحلام عام أفضل.

د. منى رجب

اعتدت دائمًا أن تكون لي وقفة صدق مع نفسي قبل نهاية كل عام مع شهر ديسمبر، أرصد فيها أحوالي مع عام يوشك على الرحيل وعام جديد يجيء بما تحمله لنا الأيام، وما يأتي به القدر.. ومع أعياد الكريسماس اعتدت أن أضع لمساته الخاصة المحببة إلى نفسي وأزيّن البيت بسماته التي تضفي على البيت البهجهة والتفاؤل والسرو.. فأضع شجرة الكريسماس الخضراء في ركن بارز من البيت، وأعلق الزينات عليها، كما أحرص على تزويدها بعقود النور الملونة التي تضيء بألوان فوسفورية لامعة، ولعب صغيرة أختارها بنفسي تسعد أفراد أسرتي، وأضع في قمتها دُمية بابا نويل الذي يرمز إلى الكريسماس ويدغدغ أحلام الصغار، لأنه حامل الهدايا في تلك المناسبة السعيدة.. وبابا نويل أو سانتا كلوز هو أسطورة لشخصية شهيرة مرتبطة بعيد الميلاد، ومستمدة من الثقافة المسيحية الغربية، الذي يقال إنه يحضر الهدايا في ساعات متأخرة من بعد العصر أو في أثناء الليل في ليلة عيد الميلاد.. والأسطورة مقترنة بالقديس نيقولا المولود حوالي عام ٢٧٠ بعد الميلاد في منطقة ميرا المتواجدة على الأراضي التركية اليوم.. وقيل إن لديه قوى خارقة بعد وفاته، حيث أعيدت رفاته إلى إيطاليا في عام ٢٠٢١، وأصبح شفيع المدن الأوروبية وحاميًا للأطفال وارتبط به عيد الميلاد، ويرجع هذا لكونه كان يوزع على العائلات الفقيرة في إقليم ميرا بآسيا الصغرى الهدايا والطعام والملابس، وتزامن ذلك مع العيد دون أن تتعرف العائلات على مَن هو الذي يعطي الهدايا للفقراء.. وفي العصر الحديث اشتهرت صورته المعروفة على أنه الرجل السمين المسن الذي يرتدي ثيابًا حمراء وله لحية بيضاء طويلة، والذي يعطي الهدايا ليلًا عند شجرة عيد الميلاد، ولهذا أصبحت العادة المتبعة في احتفالات الكريسماس في العالم بعد ذلك، هي أن يتبادل أفراد الأسرة الهدايا ويضعونها عند شجرة عيد الميلاد ليلة الكريسماس قبل فتحها، وهي عادة مبهجة تعودت عليها أيضًا كثيرًا من الأسر المصرية في بلدنا؛ كنوع من إضفاء البهجة على ليلة الكريسماس بين أفراد الأسر المصرية، مسيحيين كانوا أو مسلمين.. كما أنني أحرص على لقاءات أسرتي وأصدقائي، ونتبادل التهنئة مع الأصدقاء والأحباء بأعياد الكريسماس.. وتحرص محلات الهدايا في مختلف أنحاء مصر على تعليق زينات الكريسماس وبيعها في كثير من المتاجر، إلا أن هذا العام كان ثقيلًا وصعبًا ومليئًا بأحداث خطيرة وأليمة وحزينة على المستوى العام والخاص؛ لذلك فإن أعياد الكريسماس في كل مكان لن تكون بنفس مستوى بهجتها.

فكان أبرزها على المستوى العام، الحرب الضارية في قطاع غزة، والممارسات الوحشية التي ارتكبتها إسرائيل بدعم أمريكي سافر في حق الشعب الفلسطيني، والقصف الوحشي على المدنيين وقتل الأطفال والنساء والرجال والشباب، وإعاقة دخول المساعدات والإمدادات الإنسانية لأهل غزو الأبرياء المحاصرين؛ حتى تجاوز عدد الشهداء الـ٢٠ ألف شهيد منذ ٧ أكتوبر الماضي؛ منذ اندلاع طوفان الأقصى حتى الآن، ومعظمهم من الأطفال والنساء، ولهذا اندلعت مظاهرات الشوارع في معظم العواصم والمدن الكبرى ضد جرائم إسرائيل تنادي بتحرير فلسطين ودعم الشعب الفلسطيني.

كما اندلعت الحرب بين روسيا وأوكرانيا، فكانت لها تأثيراتها السلبية على العلاقات بين الدول وعلى اقتصاد دول أخرى كثيرة.. كما رأينا ظاهرة عامة في كل الدول، وهي أزمة الاقتصاد العالمي وارتفاع الأسعار وتزايد العنف والصراعات بين الدول وفي داخل الدولة الواحدة، وعلى المستوى الشخصي، فقدت شريك عمري وزوجي الغالي الراحل الكاتب الصحفي القدير ومدير تحرير الأهرام الأسبق في ٢ مايو ٢٠٢٣، ما أصابني بصدمة وحزن كبيرين لا يزالان يخيمان عليّ حتى يومنا هذا.

ولهذا فإن احتفالات الكريسماس هذا العام لن تكون بنفس البهجة على المستوى العام والدولي وعلى المستوى الخاص في بيتنا.. ولن يكون لها مذاق البهجة في البيوت المصرية نظرًا لوحشية المجزرة المروعة التي تحدث في قطاع غزة، ويبذل الرئيس عبدالفتاح السيسي جهودًا مضنية منذ اندلاع هذه الحرب الدموية التي تشنها إسرائيل، حيث أعلن منذ اليوم الأول دعم مصر على المستوى السياسي والدولي والإنساني، ويطالب إسرائيل بوقف الحرب ضد المدنيين الأبرياء، كما أعلن رفضه التهجير القسري لهم خارج أراضيهم، وأعلن أمام العالم بوضوح وشجاعة عن أنه لا حل سوى إعلان الدولتين، دولة فلسطينية ودولة إسرائيلية، وإعطاء الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.. إلا أنه من ناحية أخرى فإن الحياة لا بد أن تستمر وأن عادة الاحتفال بالكريسماس ستستمر ككل عام في مختلف أنحاء العالم، وإن خفت صوت الاحتفالات في بعض الدول التي تخيم عليها الصراعات والحروب والنزاعات.. ولهذا فإنني أتمنى مع أعياد الكريسماس أن يكون العام المقبل ٢٠٢٤ أفضل من العام الحالي ٢٠٢٣.. وأن تنتهي الحرب في فلسطين، وأن يستعيد الشعب الفلسطيني حقوقه المشروعة، وأن تعلن دولة فلسطينية في الأراضي الفلسطينية، وأن يأتي العام المقبل بأيام أكثر سلامًا وأمانًا واستقرارًا لمنطقتنا وللعالم، وأن تتوقف الحروب والعنف والقتل والكراهية والتطرف بشكل عام.

كما أتمنى قبل نهايهة هذا العام الصعب، أن يأتينا العام المقبل بالخير والتوفيق لأسرتي الحبيبة ولي، وبالنسبة لوطننا الحبيب أتمنى نكون قد استطعنا إتمام الانتخابات الرئاسية على خير، وأن يتولى الرئيس عبدالفتاح السيسي الرئاسة حتى ٢٠٣٠، وأن يوفقه الله ليستكمل إنجازاته ودعمه المرأة المصرية وجهده لتقدم المجتمع المصري إلى الأمام، وأن يستكمل كل ما نحلم به في الجمهورية الجديدة من سلام ورخاء وازدهار وحياة أكثر إشراقًا للمصريين، وأقل صعوبه في ارتفاع الأسعار، وأن ينتعش الاقتصاد المصري وتزداد السياحة المصرية، وأن تتبوأ مصر مكانتها الدولية؛ لتصبح دولة عظمى.. وأن نعيش في الجمهورية الحديثة في استقرار وازدهار وبلا أي ممارسات عنف، وبلا أي ممارسات تشدد أو تطرف.. وأن يسود الحب في الأسر المصرية، وأن تختفي الكراهية والتطرف من مجتمعنا، لأن الحب في كل أشكاله في رأيي هو أسمى شعور إنساني منذ فجر التاريخ.
مع تحياتي