التكنولوجيا المالية فى القطاع المصرفي.
تهب رياح التغيير فى النظام المالى على التأثيرات التى دفعت بالابتكارات التكنولوجية فى الخدمات المالية على جميع أجزاء الصناعة المالية، ما أدى إلى تدفق مستمر فى التطبيقات الجديدة والابتكارات.
وتشمل هذه الأساليب الجديدة منح القروض من نظير إلى نظير (P2P)، وتدوير الأموال، وفرص التمويل الجماعى (Crowdfunding)، وتسديد المدفوعات رقميًا، وتقديم التوصيات الاستثمارية المعتمدة على الذكاء الاصطناعى (ROBO -ADVISOR)، وتحسين وتبسيط صناعة التأمين (INSURTECK) وقواعد البيانات المغلقة (block chain)، حيث يتم تأمين البيانات من خلال كتل مشفرة، والخدمات المصرفية المفتوحة (open Banking).
وفى الوقت نفسه شهد تحولًا عميقًا فى تفضيلات الدفع اللا تلامسى، مع انخفاض استخدام النقد فى مدفوعات التجزئة حتى قبل الجائحة.
ومع ذلك فقد سرّعت أزمة كورونا من رقمنة الخدمات المالية بطريقة غير متوقعة، حيث شجعت قيود الإغلاق أولئك الذين كانوا يعارضون فى السابق التعامل مع الخدمات المالية الرقمية.
ويستهوى المستهلكون من الأجيال الشابة وجيل الألفية بشكل خاص قنوات الدفع الرقمية، حيث سجل 44% من المشاركين فى الولايات المتحدة الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و34 عامًا فى الخدمات المصرفية عبر الإنترنت أو عبر الهاتف المحمول، وحدث هذا لأول مرة على نطاق المدفوعات الرقمية.
وعند مقارنة البنوك التقليدية بشركات التكنولوجيا المالية، نجد على سبيل المثال، أن البنوك التقليدية تعمل بطريقة عكس شركات التكنولوجيا المالية فى الموافقة على إقراض العميل، حيث يتجه قسم الإقراض إلى الاعتماد على تاريخ العميل مع البنك، من خلال فحص حسابه، ونمط سداد ديونه، وبذلك يتم تقييم العميل وعلاقته مع البنك. فالعلاقات طويلة الأمد تساعد فى تقييم مقبول، وبالتالى الوصول إلى الخدمات بطريقة مدروسة المخاطر.
أما شركات التكنولوجيا المالية، فتعمل على عكس البنوك، حيث تقدم القروض، وذلك من خلال منصات التمويل الجماعى على تحويل المدخرات إلى قروض واستثمارات، حيث إن المعلومات التى يستخدمونها تستند إلى البيانات الضخمة غير المركزية من خلال منصات الإنترنت. ولا يتم تحويل المخاطر والاستحقاق، حيث تتم مطابقة المقرضين والمقترضين، أو المستثمرين وفرص الاستثمار بشكل مباشر، وهناك عدم وساطة فى هذه الحالة.
ومع ذلك، فإن مثل هذه الأنشطة غير المجمعة للتكنولوجيا المالية لها نطاق محدود، فعلى سبيل المثال، من الصعب على المنصات أن تقدم فرصًا استثمارية متنوعة دون الاحتفاظ بجزء من المخاطر فى دفاترها، أو توريق محافظ القروض كما جرت العادة فى البنوك التقليدية، ما يعطى ميزة تنافسية أفضل للبنوك التقليدية عنها فى شركات التكنولوجيا المالية. كما تتضمن سلسلة القيمة للبنوك التقليدية العديد من الخدمات والأنشطة المجمعة، فى حين أن شركات Fintech تركز بشكل عام على واحد أو عدد قليل من هذه الأنشطة بطريقة غير مجمعة.
ومع ذلك فإن تجميع الخدمات يصب فى صالح البنوك التقليدية، إذ تعتمد اقتصاديات الخدمات المصرفية بدقة على قدرة البنوك فى تجميع الخدمات، مثل الودائع والمدفوعات والإقراض وما إلى ذلك، وهو ما يعطى ميزة تنافسية إضافية أخرى أفضل للبنوك التقليدية. والمزايا التفضيلية ترجح كفة المؤسسات المالية التقليدية، يضاف إليها عنصر مهم وهو الثقة.
يمكن للبنوك التقليدية أن ترى بوضوح أن الطريقة التى يدفع بها الناس قد تغيرت بشكل جذرى فى أعقاب الوباء العالمى، وهى تدرك الحاجة إلى سرعة تبنى تقنيات رقمية وابتكارات مالية لمواكبة التقدم التقنى الهائل لخدمة عملائهم والتموضع فى أفضل مكان قد يمكنهم للبقاء فى الصدارة، ولكن فى حين أن العديد منهم يقدم خدمات دفع رقمية، فإن البحوث التى أجراها البنك المركزى الأوروبى فى 2020 شملت 200 مدير تنفيذى مصرفى أوروبى لقياس المكان الذى توجّه فيه البنوك طاقاتها واهتماماتها.
وفى النهاية يلاحظ فوائد لكلا الطرفين، ما يعزز من جودة وسرعة الخدمات ومستويات الأمان لدى العملاء.
حيث أصبح المصطلح الجديد (Fintech) يتداول فى مجال الأعمال والبنوك الذى يترجم إلى التكنولوجيا المالية، فهى التكنولوجيات المستخدمة والمطبقة فى قطاع الخدمات المالية، ويشمل تدخلها فى الدفع عبر الهاتف المحمول وتحويل الأموال والقروض، وجمع التبرعات وإدارة الأصول والأملاك.
فى السياق نفسه، ازداد بشكل كبير مؤخرًا الاستثمار فى التكنولوجيا المالية فى جميع أنحاء العالم، ومن المرجح أن يستمر فى الزيادة، كون أن التكنولوجيا المالية لا تتعلق بقطاع الخدمات المالية فقط، ولكن بكل الأعمال التجارية التى تتعامل مع صناعة الخدمات المالية. وشركات (Fintech) الناشئة عادة ما تكون صغيرة وبغاية الذكاء وقادرة على تعطيل المؤثرات الكبيرة التى هى المؤسسات المالية التقليدية، وتستطيع الابتكار بسرعة كبيرة.
الخلاصة هى
توصف التكنولوجيا المالية على أنها تلك المنتجات والخدمات التى تعتمد على التكنولوجيا لتحسين نوعيات الخدمات المالية التقليدية، كما أنها تتميز بالسرعة والسهولة، وفى معظم الحالات يتم تطوير هذه الخدمات والمنتجات بواسطة شركات ناشئة تسعى لتحسين الخدمات المصرفية للأفراد والشركات؛ بالتعاون أو المنافسة مع مقدمى الخدمات المالية القائمين.
حيث إن هناك أنواعًا كثيرة من التكنولوجيا أصبحت ضرورية من أجل سير الحياة وتقدمها، من بين هذه الأنواع نجد التكنولوجيا المالية التى يشار إليها بالاختصار FinTech، وذلك نتيجة لدمج كلمتى المالية “Financial” والتكنولوجيا “Technology” التى تمثل الابتكارات التى تسعى لمنافسة الأساليب المالية التقليدية عند تقديم الخدمات المالية، فهى صناعة ناشئة تستخدم الابتكار لتحسين الأنشطة فى مجال التمويل.