يعملوها الكبار ويقعوا فيها الصغار .. طلاق الوالدين ونصائح للتخفيف من شعور الأطفال بانهيار عالمهم.
الطلاق قرار يتخذه الزوجان يقضي بفسخ عقد الزواج وانفصالهما، بالتالي تغيير أدوار ومسؤوليات كل منهما في حياة الآخر، وقد يكون القرار صعباً يترتب عليه عديد من التأثيرات الجانبية، خاصة عند وجود أطفال، لكنه أحياناً يكون صائباً، ويحقق الاستقرار والتوازن الأسري.
وفي العموم، فإن مهما بدت أسباب الطلاق مبررة، يظل الأمر صدمة مؤلمة للأطفال، حيث يرون فيه انهياراً لعالمهم، وبغض النظر عن مشاعر الغضب التي يشعر بها الزوجان تجاه الآخر، بسبب هذا الانفصال، فهناك أخطاء عليهم تجنب الوقوع فيها لتخفيف حدة ألم الانفصال على الأطفال.
وعلى ضوء هذا الموضوع، دعونا نتحدث بكل شفافية حول تأثير الطلاق على الأطفال، وطرق معالجته، ومحاولة تأقلم الأطفال معه واستيعابه.
حياة الطفل قبل وبعد الطلاق
يكون الطفل في أمان عندما تكون البيئة التي يعيش فيها صحية خالية من الخلافات والصراعات، حيث يهتم الأبوان برعايته وتربيته وتوعيته، والعمل يداً واحدة من أجل سعادته ومصلحته والحرص على مستقبله.
لكن عندما يقرر الزوجان الانفصال لأي سبب من الأسباب، وإن كان السبب هو فتور العاطفة بينهما، فإن الطفل لا يكون وقتها في أمان، وتكون صدمة الانفصال عليه كبيرة، وكأن العالم انقلب رأساً على عقب.
وهنا يجب على الأبوين الانتباه لأمور كثيرة، حتى لا يقع الطفل فريسة لهذا الانفصال. وتؤكد المحللة النفسية وإخصائية طب الأسرة (بيتريك فايبخ)، ضرورة شرح أسباب الانفصال للأطفال، لتجنّب وقوعهم فريسة لمشاعرهم ومحاولاتهم إيجاد تفسيرات للوضع، ففي أغلب الأحيان يشعرون الأطفال بأنهم السبب وراء هذا الانفصال، وهذا كفيل لتمزيق الطفل وجدانياً، واهتزاز ثقته بنفسه بشكل قد يصعب إصلاحه فيما بعد.
تأثير الطلاق على الطفل
١- الشعور بفقدان الأمان، وإحساسه بأنه مشتت بين الوالدين.
٢- الشعور بعدم الانسجام مع عائلة فرض عليها، سواء عائلة الأب أو عائلة الأم.
٣- الإحساس بالخسارة، فإن الانفصال بالنسبة للأطفال لا يعني فقدان المنزل فقط، بل فقدان حياة بكاملها.
٤- شعوره بالقلق دائماً حول العيش وحيداً بعد غياب أحد الوالدين، وقد ينتج عن هذا شعوره بالحقد والغضب تجاه أحد الوالدين، الذي يعتقده الطفل بأنه سبب الانفصال.
وترى أيضاً المحللة النفسية (بيتريك فايبخ) أن في بعض الأحيان يكون الانفصال وسيلة ممكنة، لخلق حياة أفضل للأطفال في بعض الحالات، وتقول “تتسبب الحرب المستمرة بين الأب والأم في تسميم الأجواء بالمنزل وانشغالهما بصراعهما، ونسيان الأطفال، فعندما يتشاجر الآباء بشكل دائم يمكن للانفصال حينها أن يهدئ من حدة الحياة”.
الدعم العاطفي يحمي الأطفال من آثار طلاق الوالدين
أكد الإخصائي الاجتماعي د. جاسم المطوع، أن هناك عدة أمور يجب مراعاتها عند الطلاق، تجنباً للآثار النفسية التي قد تصيب الأطفال.
حيث أوضح أن على الوالدين الاستمرار في الاستماع إلى الطفل والمشكلات التي يواجهها، وتوفير الدعم العاطفي له، والمساعدة على القضايا اليومية، والحفاظ على الحدود والقواعد المتفق عليها بين الوالدين، كما يجب الاتفاق بين الوالدين على ما هو مسموح، وما هو ممنوع في تربيه أبنائهم.
فالانضباط الأبوي المتواصل مهم للغاية، فلا يسمح الأب بشيء وتنهي الأم عنه، ولا العكس. فمن المهم أن يدعم الآباء سلطة الطرف الآخر، وعدم الاستهزاء بها، والحفاظ على الروتين اليومي للأطفال قدر المستطاع.
إرشادات للتعامل مع الطفل في حالة الانفصال
عدم استخدام الطفل كسلاح لتهديد الطرف الآخر، مثل حرمانه من الطفل، وهذه نصيحة مهمة جداً لسلامة الطفل نفسياً.
لا تنقد الشريك الآخر أمام الطفل.
لا تسأل طفلك ما يفعله الطرف الآخر في حياته اليومية.
عدم الطلب من الطفل أن ينحاز إلى أحد الوالدين.
منح الأطفال مزيد من الاهتمام والرعاية في حالة الطلاق
يجب على الوالدين مشاركة الأطفال في الأنشطة الجديدة، التي ستخرجهم من أجواء الاكتئاب بسبب الطلاق، وتغير ظروف الحياة، ومكان المدرسة والسكن وغيرها من الأمور، وهذا سيساعدهم في بدء حياة جديدة هادئة.
احترام الأبوين لبعضهما أمام الأطفال، وتجنب الإساءة، والتحدث مع بعضهما بصورة لائقة ومحترمة أمام الأطفال.
مشاركة الوالدين لأطفالهما بعض المناسبات كأعياد الميلاد وحفلات التخرج، فهذه التصرفات تعني كثيراً بالنسبة للأطفال.
استمرار اللقاءات والزيارات واصطحاب الأطفال للتنزه، والاتصال بهم دائماً، وإشعارهم بعدم الابتعاد أو تخلي أحد الوالدين عنهم.
وأخيراً وليس آخر، فيمكن تلخيص تفادي مشكلات الطلاق لدى الأطفال في نقطتين مهمين للغاية:
شرح الموقف واستيعاب الأطفال له، وتأكيد أن قرار الانفصال لا يهدف إلى قلب حياتهم، بل إنه يدعم استقرارهم، فهذه نقطة مهمة جداً، وتساعدهم على العيش في راحة وهدوء نفسي بعيداً من الخلافات.
ولأن الطلاق يعني انتقال الطفل للعيش مع أحد والديه في ظل غياب جزئي للطرف الآخر، فعلى الوالدين دائماً العمل على تحقيق الأمان للطفل، وتأكيد إمكانية أن يلجأ لأي من الوالدين، والتحدث معه في أي وقت كما يحلو له.
وفي العموم عزيزتي الأم وعزيزي الأب، فإن الأطفال الذين يحصلون على الدعم ممن حولهم من الأسرتين، هم أكثر قدرة على التكيف مع تبعيات الطلاق. فلا بد من خلق مساحة خاصة بهم في كلا المنزلين حتى يشعروا بالخصوصية والارتياح والانتماء للمكانين.