د. هيثم بدران : بطانة الرحم المهاجرة

مقالات

د. هيثم بدران : بطانة الرحم المهاجرة.

ما يُعرف بالبطانة المهاجرة، أو بطانه الرحم المهاجرة، بالإنجليزية Endometriosis هي حالة يتم فيها العثور على نسيج مشابه لبطانة الرحم في أماكن أخرى من الجسم خارج الرحم، وخاصة في منطقة الحوض، ومن هذه الأعضاء المبيضين وقناة فالوب والمثانة والأمعاء والمستقيم والمهبل.

في حالات نادرة جداً يمكن لهذه الأنسجة أن تتواجد على الحجاب الحاجز والرئتين أو في منطقة السرة أو الندوب والجروح القديمة المتواجدة في جدار البطن.

تعرف أنسجة بطانه الرحم المتواجدة خارج الرحم باسم غرسة بطانة الرحم بالإنجليزية: Implant، وتؤثر التغيرات الهرمونية للدورة الشهرية على نسيج بطانة الرحم المنغرس خارج الرحم، حيث إن هذا النسيج يتفاعل مع هذه الهرمونات كأنسجة بطانة الرحم الطبيعية. بالتالي تنمو ويزداد سمكها مع زيادة مستوى الهرمونات الجنسية.

ومن ثمّ مع انخفاض مستوى الهرمونات تنكسر هذه الأنسجة، وتتحلل وتسبب النزيف، إلا أن هذا النزيف يكون داخلياً على خلاف الدورة الشهرية، بحيث لا توجد وسيلة أو مكان لخروج هذا النسيج المتحلل من الجسم.

هذا يؤدي إلى حصر هذا النسيج المتحلل في المنطقة، والتسبب بحدوث التهاب وألم، والتصاقات جدارية في المنطقة التي يتواجد فيها.

في حال كانت هذه الأنسجة في المبيضين، سوف تؤدي إلى تكوين ما يعرف بأكياس الشوكولاتة، وسُميت بذلك بسبب مظهرها الخارجي واحتوائها على سائل بني يشبه الشوكولاته.

تعد هجرة بطانه الرحم مشكلة صحية شائعة بين النساء، وهو يصيب عادة النساء اللواتي تتراوح أعمارهن ما بين 15 إلى 44 عاماً، أي في سن الخصوبة، وهو أحد الأسباب التي تؤدي إلى تأخر الحمل خلال هذه الفترة، أو حتى الإصابة بالعقم، الذي يعتبر أحد أهم المشكلات التي تدل على خطورة بطانة الرحم المهاجرة، خصوصاً في حال لم يتم العلاج في المراحل المبكرة.

إن إصابة إحدى أفراد العائلة من قبل كالأم أو الأخت يعتبر مؤشراً مهماً لتشخيص الإصابة لدى المرأة التي تعاني من أحد الأعراض التي تتبع أعراض بطانة الرحم المهاجرة، كما أنه وبشكل شائع يمكن أن يصيب النساء اللواتي يتعرضن لفترات حيض تدوم أكثر من سبعة أيام.

إن المرحلة الأولى من بطانه الرحم المهاجره، أو ما تعرف بالمرحلة الدنيا، تتواجد فيها آفات أو جروح صغيرة وغرسة بطانة الرحم السطحية على المبيض لدى المرأة. كما قد يتواجد أيضاً التهاب في تجويف الحوض أو حوله.

إن المرحلة الثانية من بطانه الرحم المهاجرة، أو ما تعرف بالمرحلة الخفيفة من البطانة المهاجرة، تتواجد فيها آفات خفيفة وغرسة بطانة الرحم السطحية على المبيض وبطانة الحوض لدى المرأة.

إن المرحلة الثالثة من بطانة الرحم المهاجره، أو ما تعرف بالمرحلة المعتدلة، تتواجد فيها غرسات بطانة الرحم العميقة على المبيض وبطانة الحوض لدى المرأة.

إن المرحلة الرابعة من بطانه الرحم المهاجره، أو ما تعرف بالمرحلة الشديدة، تتواجد فيها غرسات بطانة الرحم العميقة المنتشرة في المبيضين وبطانة الحوض، التي يمكن أن تصل إلى قناة فالوب والأمعاء، وتعد الإصابة بالعقم شائعة في هذه المرحلة.

إن ما يقارب 3 من أصل 4 من النساء اللواتي أصبن بداء بطانة الرحم المهاجرة لديهن المرحلة الأولى أو الثانية.

إن الألم في أثناء ممارسة العلاقة الزوجية أو ما يعرف بعسر الجماع، غالباً ما يحدث عند المرأة المصابة ببطانة الرحم المهاجره، وذلك خلال القيام بعملية الإيلاج والحركات الأخرى المرتبطة بالجماع، يمكن أن يحدث تمدد وسحب لهذا النمو غير الطبيعي لبطانة الرحم، بخاصة عندما تنمو بطانة الرحم خلف المهبل أو أسفل الرحم.

كما أن وجود علاقة ما بين بطانه الرحم المهاجره والجماع المؤلم يمكن أن يكون بسبب حدوث جفاف المهبل أيضاً الناجم عن بعض العلاجات المستخدمة، فيعلاج بطانة الرحم المهاجرة والتخفيف من أعراضها، مثل العلاجات الهرمونية أو القيام باستئصال الرحم.

قد يتساءل البعض هل بطانه الرحم المهاجره تمنع الحمل، وفي الحقيقة تعد الإصابة بمشكلات في الخصوبة، وصعوبة الحمل أو العقم من المضاعفات الخطيرة والرئيسة لبطانة الرحم المهاجرة، ومع ذلك، فإن العديد من النساء المصابات قادرات على الحمل دون صعوبة، بخاصة في حال كانت مرحلة المرض خفيفة أو متوسطة، وذلك في غضون ثلاث سنوات، ودون تلقي أي علاج محدد.

يمكن أن تساعد الجراحة لإزالة نسيج البطانة المهاجره في تحسين فرصة حدوث في الحمل، وعلى الرغم من ذلك لا يوجد أي ضمان لزيادة قدرة المرأة على الحمل بعد علاج بطانة الرحم المهاجرة بالجراحة، خصوصاً أن الجراحة قد تسبب بعض المضاعفات، مثل الالتهابات، أو النزيف، أو تلف الأعضاء المصابة.

في حال لم تنجح الجراحة تحسين فرصة حدوث في الحمل، حينها يمكن التفكير في علاجات الخصوبة أو الإخصاب الصناعي لتحسين فرصة الحمل والإنجاب.

نسأل الله السلامة للجميع