تحذير من “الصحة العالمية”.. ماذا نعرف عن السلالة الهجينة لجدري القرود؟
أطلقت منظمة الصحة العالمية في أواخر عام 2025 جرس إنذار جديداً بعد اكتشاف سلالة هجينة من فيروس جدري القرود (Mpox) في بعض المناطق الموبوءة، والتي أظهرت خصائص جينية ومخبرية تختلف عن السلالات التقليدية المعروفة سابقاً. توضح المنظمة أن هذه السلالة نتجت عن عمليات تحور جيني متسارعة، مما أدى إلى ظهور سلالة تجمع بين سرعة الانتشار التي تميزت بها السلالة العالمية الثانية (Clade II) وبين شدة الأعراض السريرية المرتبطة بالسلالة الأولى (Clade I). هذا الهجين الجديد يثير قلق العلماء نظراً لقدرته المحتملة على الهروب من بعض الاستجابات المناعية التي كونتها الأجسام سابقاً، سواء عبر الإصابة الطبيعية أو من خلال الجرعات الأولى من اللقاحات التي تم توزيعها في الأعوام الماضية، مما يتطلب مراجعة فورية لاستراتيجيات الاحتواء الدولية.
وتشير التقارير الأولية الصادرة عن مختبرات الرصد الوبائي التابعة للمنظمة إلى أن السلالة الهجينة تظهر نمطاً مختلفاً في انتقال العدوى، حيث لوحظت زيادة في معدلات الانتشار عبر المخالطة المنزلية الوثيقة والتلامس الجلدي البسيط، وليس فقط عبر الأنماط التقليدية المعروفة. كما أظهرت الفحوصات أن فترة الحضانة قد تكون أقصر قليلاً، بينما تظل الطفح الجلدي والآفات البثرية هي العلامة المميزة والأكثر وضوحاً، ولكنها قد تظهر بشكل أكثر كثافة في مناطق لم تكن معتادة سابقاً. وشددت منظمة الصحة العالمية على أن التطور الجيني للفيروس يعكس قدرته على التكيف مع البيئات البشرية المختلفة، مما يفرض على الدول تعزيز برامج تسلسل الجينوم للكشف المبكر عن أي بؤر تفشٍ جديدة لهذه السلالة قبل أن تتحول إلى موجة وبائية عالمية عابرة للحدود.
وفي ظل هذا التطور، وجهت المنظمة دعوة عاجلة لشركات الأدوية ومراكز البحوث لتحديث اللقاحات الحالية واختبار مدى فاعلية العلاجات المضادة للفيروسات ضد هذا الهجين الجديد. كما ناشدت الجمهور بضرورة العودة للتدابير الوقائية الأساسية، مثل تجنب المخالطة الوثيقة مع الأشخاص الذين تظهر عليهم أعراض مرضية، والالتزام بالنظافة الشخصية، والإبلاغ الفوري عند ظهور أي طفح جلدي غير مبرر مصحوب بحمى أو تضخم في الغدد الليمفاوية. إن اكتشاف السلالة الهجينة ليس مدعاة للذعر، بل هو دعوة لليقظة العلمية والتعاون الدولي في تبادل البيانات، حيث أن الشفافية في نقل المعلومات الوبائية هي السلاح الأقوى لضمان عدم تكرار سيناريوهات الإغلاق والضغط على الأنظمة الصحية التي شهدها العالم في السنوات الأخيرة.




