الدهون الخفية والسرطان.. لماذا يجب إعادة النظر في حميتك الغذائية؟
في ظل الانتشار الواسع لأنظمة غذائية تعتمد بشكل أساسي على البروتينات والدهون، أطلقت مراكز الأبحاث الدولية في عام 2026 تحذيراً شديد اللهجة حول التداعيات طويلة الأمد لهذه الحميات على صحة الكبد. الدراسة الجديدة تؤكد أن الكبد هو “المصنع” الذي يعالج كل ما نتناوله، وعندما يتم إغراقه بالدهون فوق طاقته الاستيعابية، يبدأ في تخزينها بشكل قسري، مما يؤدي إلى حالة تُسمى “التهاب الكبد الدهني”. هذا الالتهاب ليس مجرد عرض عابر، بل هو عملية كيميائية حيوية معقدة تؤدي إلى إفراز بروتينات التهابية تعمل كوقود لنمو الخلايا السرطانية. إن العلاقة بين “السمنة الكبدية” وسرطان الكبد أصبحت الآن حقيقة علمية لا تقبل الشك، حيث تتساوى خطورة الدهون الزائدة مع خطورة العوامل التقليدية الأخرى.
وتوضح المقالة العلمية أن المشكلة لا تكمن فقط في كمية الدهون، بل في “نوعيتها” وتداخلها مع السكريات المكررة. فعندما تجتمع الدهون العالية مع السكر، يحدث ما يسمى بـ “مقاومة الإنسولين”، وهي حالة تزيد من إفراز عوامل النمو التي تحفز انقسام الخلايا بشكل غير طبيعي، وهو جوهر العملية السرطانية. كما أثبتت الفحوصات المجهرية أن الدهون الزائدة تعطل عملية “الانتحار الخلوي المبرمج” (Apoptosis)، وهي الآلية التي يتخلص بها الجسم من الخلايا التالفة أو المشوهة؛ وبسبب تعطل هذه الآلية، تظل الخلايا الكبدية المصابة بالطفرات حية وتستمر في التكاثر حتى تشكل ورماً خبيثاً يصعب السيطرة عليه.
ولحماية الكبد من هذه المخاطر، يوصي أطباء الكبد والجهاز الهضمي بتبني نظام “حمية البحر المتوسط” كبديل آمن، حيث تعتمد على الحبوب الكاملة والدهون غير المشبعة التي تساعد الكبد على التخلص من السموم وتمنع تراكم الدهون الضارة. كما تشدد الدراسة على أهمية النشاط البدني المنتظم، حيث يساعد العضلات على حرق الدهون الزائدة في الدم قبل أن تصل إلى الكبد وتترسب فيه. إن الوعي بمخاطر “الدهون المختبئة” في الأطعمة المصنعة والصلصات والحلويات هو الخطوة الأولى نحو كبد سليم وجسم خالي من الأورام. في النهاية، الصحة تبدأ من الأمعاء وتنتهي في الكبد، والحفاظ على توازن المدخلات الغذائية هو الضمانة الوحيدة لعيش حياة طويلة وعافية مستدامة بعيداً عن أروقة المستشفيات وعلاجات الأورام المعقدة.




