ثورة زراعية في البرازيل.. نتائج اكثر من رائعة للذكاء الإصطناعي

علوم و تكنولوجيا

ثورة زراعية في البرازيل.. نتائج اكثر من رائعة للذكاء الإصطناعي.

الذكاء الإصطناعي يلعب دورًا متزايد الأهمية في مجال الزراعة، حيث يسهم في تحسين الكفاءة والإنتاجية الزراعية بشكل كبير.

من خلال استخدام تقنيات مثل تحليل البيانات الكبيرة، والتعلم الآلي، والاستشعار عن بعد، يمكن للمزارعين مراقبة صحة المحاصيل بدقة وتحديد الاحتياجات الخاصة بكل نبات من الماء والأسمدة والمبيدات.

يمكن أيضًا استخدام الروبوتات الذكية للقيام بمهام الزراعة التقليدية مثل الزراعة والحصاد بشكل أكثر كفاءة ودقة. علاوة على ذلك، يساعد الذكاء الإصطناعي في التنبؤ بالطقس وظروف المناخ، مما يمكن المزارعين من اتخاذ قرارات مستنيرة بشأن مواعيد الزراعة والحصاد.

بذلك، يسهم الذكاء الإصطناعي في تعزيز الأمن الغذائي وتقليل الهدر وتحقيق زراعة مستدامة.

من قلب المزارع الشاسعة التي تغطي ملايين الهكتارات من الأراضي البرازيلية، يشق الذكاء الإصطناعي طريقه ليصبح الحليف الجديد للمزارعين، حاملاً معه وعوداً بثورة زراعية لا مثيل لها.

قَبل عقدٍ من الزمن، كان الحديث عن الذكاء الاصطناعي في الزراعة يبدو كأنه جزء من فيلم خيال علمي، لكن الواقع أصبح اليوم مختلفاً تماماً، إذ تُستخدم الطائرات بدون طيار لتحليل صحة المحاصيل، وتراقب أجهزة الاستشعار التربة وترسل بيانات دقيقة إلى المزارعين، بينما تعمل الروبوتات وحدها في الحقول. كل هذا بفضل تطور الذكاء الاصطناعي ودمج قواعد البيانات بالآلات الميكانيكية.

الزراعة الرقمية
تُعتبر الزراعة جزءاً أساسياً من اقتصاد البرازيل. فبحسب دراسة لعام 2023 أجرتها مؤسسة سيبيا (مركز الدراسات المتقدمة في الاقتصاد التطبيقي)، شكّل الناتج المحلي الإجمالي للأعمال الزراعية 23.8% من إجمالي الناتج المحلي للبلاد. كما وصلت صادرات البرازيل من المنتجات الزراعية إلى 168 مليار دولار، في حين بلغ عدد العاملين في مجال الأعمال الزراعية 28.34 مليون شخص.

في لقاء أجرته “الشرق” مع “ليو كارفاليو”، المدير الهندسي لـ “Solinftec”، وهي شركة برازيلية رائدة في مجال الذكاء الاصطناعي والروبوتات الزراعية، قال إن سوق الذكاء الاصطناعي في البرازيل ينمو بشكل كبير وبات في متناول أغلب المنتجين.

وأوضح أن هناك أكثر من 30% من المنتجين الزراعيين باتوا يعتمدون بشكل كامل على ما يسمى بالزراعة الرقمية، وذلك لما توفره من بدائل اقتصادية أكثر شمولية.

وذكر كارفاليو أن أول استخدام للذكاء الاصطناعي في شركتهم كان في عام 2010، من خلال إنشاء قاعدة بيانات كبيرة خاصة بمعالجة النباتات والتعرف على الأعشاب الضارة؛ للمساعدة في زيادة إنتاجية أنواع مختلفة من المحاصيل مثل الصويا والذرة والقمح وقصب السكر.

وأضاف: “بعد سنوات مضنية من العمل وإنفاق ملايين الدولارات على الأبحاث العلمية، استطعنا عام 2022 إطلاق الروبوت Solix، وهو أحد أهم الروبوتات المتكاملة لدينا، إذ يتمتع بوظائف عدة من عمليات التحليل وجمع البيانات إلى تطبيق الري والرش الموضعي على النباتات وصولاً إلى القضاء على الحشرات الضارة، بدون تدخل بشري ويعمل عن طريق محركات كهربائية تتزود بالطاقة من خلال الألواح الشمسية”.

وأشار إلى أن الشركة لديها حالياً “50 روبوت في البرازيل، و50 آخرين في الولايات المتحدة، و5 في كندا، وقريباً في كولومبيا، ونخطط لبيع 150 روبوت في البرازيل خلال العام المقبل، و150 أخرى لأميركا الشمالية. لذلك نريد أن نصل إلى إمكانية وجود ما يقرب من 1000 روبوت في السنتين أو الثلاث سنوات القادمة، لأننا ندرك أننا قادرون على إحداث فارق في الزراعة وطريقة إنتاج الغذاء العالمي”.

زيادة الإنتاج وخفض التكاليف
وفقاً لدراسة أجرتها مؤسسة Embrapa البرازيلية للبحوث الزراعية، يمكن لاستخدام الذكاء الاصطناعي في الزراعة أن يزيد من الإنتاجية بنسبة تصل إلى 46%، إذ تعمل الأنظمة القائمة على الذكاء الاصطناعي على تحليل بيانات التربة والمناخ والنباتات، مما يساعد المزارعين على تحديد أفضل الأوقات للزراعة والحصاد.

اكتشاف الآفات وتقليل الفاقد.. كيف سيغير الذكاء الاصطناعي مستقبل الزراعة؟
مع استمرار ارتفاع الكثافة السكانية، تزايد تحديات الأساليب الزراعية التقليدية، مثل تغير المناخ، يثبت دمج الذكاء الاصطناعي في هذا المجال بأنه عامل قوي للتغيير.

وتقول آنا باولا، مديرة الإنتاج في “Agrobrasil” وهي إحدى أكبر شركات الإنتاج الزراعي في البرازيل: “لقد بدأنا باستخدام الذكاء الاصطناعي في الحقول منذ عامين تقريباً، وأصبح اعتمادنا على هذه التقنيات يتزايد بشكل تدريجي، خاصة بعد تحليلنا لنتائج استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في عملية رش الأسمدة.. لدينا روبوتات يمكنها وضع السماد في النقطة التي تحتاجها النباتات، وليس في جميع أرجاء الحقل. هذه الخطوة وحدها وفرت علينا الكثير من الوقت والمال”.

وتابعت: “نعتقد أن بوسعنا تحقيق تقدم كبير مستقبلاً، فخلال فترة قصيرة جداً استطعنا توفير 5% من إجمالي نفقات الشركة، وبالنسبة لنا هو إنجاز هائل وسوف يتضاعف في السنوات القادمة مع ازدياد اعتمادنا على الذكاء الاصطناعي. ومن ناحية الإنتاج، سجلت بعض المزارع زيادة عشرة أكياس من فول الصويا للهكتار الواحد، وذلك مقارنة ببعض المزارع الأخرى التي لا تتم إدارتها بتقنيات الذكاء الاصطناعي”.

وأشارت آنا باولا إلى أن الذكاء الاصطناعي بات يُستخدم أيضاً في مراقبة قطعان الماشية، فشركة “Agrobrasil” تمتلك طائرات بدون طيار تقوم بعملية المسح الحراري التي تتيح مراقبة القطعان وتسجيل معلومات متعلقة بصحة الماشية.

وتعتقد أنه كما هو الحال في الكثير من مجالات الخدمات الأخرى، التي باتت تعتمد على استخدام الذكاء الاصطناعي بشكل كبير، ستستفيد الزراعة وستحقق الكثير من المكاسب من استخدامه.

حلول بيئية أكثر استدامة
ويواجه العالم أزمات بيئية عدة نتيجة التغير المناخي، باتت تتسبب بموجات جفاف وتراجع في معدلات هطول الأمطار، ما ألحق الضرر بشكل مباشر بقطاع الزراعة، ووضعته أمام تحدٍ كبير يتمثل في زيادة الإنتاج نتيجة ارتفاع الطلب، وبنفس الوقت الحاجة إلى التأقلم مع الظروف البيئية.

ويرى كارفاليو أن “الذكاء الاصطناعي أصبح اليوم قادراً على توفير حلول بيئية عالية الفاعلية”، ويقول: “نعلم أن الأعمال التجارية الزراعية هي أحد أكبر القطاعات المستهلكة للمياه، لذا فإن الاعتماد على الذكاء الاصطناعي من شأنه تخفيض 80% من المياه المستخدمة في الري، عبر استخدام تقنية الري الموضعي للنباتات والذي يعمل بشكل أوتوماتيكي عبر مطابقة معلومات قاعدة البيانات مع المسح الذي تقدمه الروبوتات، التي تقوم لاحقاً بضخ كمية المياه اللازمة فوق نقاط محددة بدقة”.