عندما نسمع عن ارتفاع ضغط الدم، غالبًا ما يتبادر إلى أذهاننا كبار السن أو البالغين الذين يعانون من السمنة أو التوتر. غير أن الحقيقة الطبية تؤكد أن ارتفاع ضغط الدم قد يُصيب الأطفال أيضًا، وإن كان أقل شيوعًا. يُعتبر هذا الأمر مقلقًا لأنه قد يكون مؤشرًا على وجود مشكلة صحية كامنة، أو أنه قد يعرّض الطفل لمضاعفات في المستقبل إذا لم يُشخّص ويُعالج مبكرًا.
أولاً: ما هو ضغط الدم الطبيعي عند الأطفال؟
ضغط الدم يُقاس بمعدل انقباض القلب (الضغط الانقباضي) وانبساطه (الضغط الانبساطي). عند الأطفال، لا توجد قيمة ثابتة يُعتبر ما فوقها ارتفاعًا دائمًا، بل يتم تحديد المستوى الطبيعي وفقًا لعدة عوامل:
عمر الطفل.
جنسه (ذكر أو أنثى).
طوله ووزنه.
ولهذا السبب، يستخدم الأطباء جداول خاصة تحدد القيم الطبيعية بحسب هذه المعايير.
ثانياً: هل من الممكن ارتفاع ضغط الدم عند الأطفال؟
نعم، من الممكن أن يُصاب الأطفال بارتفاع ضغط الدم. ورغم أنه أقل شيوعًا مقارنةً بالبالغين، إلا أن نسب الإصابة تزداد مع انتشار السمنة لدى الأطفال وقلة النشاط البدني.
ثالثاً: أسباب ارتفاع ضغط الدم عند الأطفال
1. ارتفاع ضغط الدم الأولي (الأساسي):
يحدث دون سبب واضح، وغالبًا يرتبط بعوامل وراثية ونمط حياة غير صحي.
أكثر شيوعًا عند المراهقين ذوي الوزن الزائد أو الذين لديهم تاريخ عائلي مع ارتفاع ضغط الدم.
2. ارتفاع ضغط الدم الثانوي:
ينتج عن أمراض أخرى، ويظهر غالبًا عند الأطفال الأصغر سنًا.
من أسبابه:
أمراض الكلى (مثل التشوهات أو الالتهابات).
أمراض القلب الخلقية.
اضطرابات هرمونية أو غدد صماء.
بعض الأدوية مثل أدوية الربو أو أدوية الكورتيزون.
رابعاً: أعراض ارتفاع ضغط الدم عند الأطفال
غالبًا لا يُظهر ارتفاع ضغط الدم أعراضًا واضحة، ولهذا يُسمى “القاتل الصامت”. ومع ذلك، قد تظهر بعض العلامات مثل:
صداع متكرر.
دوخة أو إرهاق عام.
صعوبة في التركيز.
نزيف الأنف أحيانًا.
اضطراب في الرؤية.
ضيق التنفس أو ألم في الصدر (في الحالات الشديدة).
خامساً: كيف يتم التشخيص؟
القياس المتكرر: يجب قياس ضغط الدم أكثر من مرة في زيارات مختلفة للتأكد من التشخيص.
الفحوص الطبية: قد يطلب الطبيب تحاليل دم، تحليل بول، تخطيط قلب، أو أشعة على الكلى لمعرفة السبب.
التاريخ الطبي: يسأل الطبيب عن نمط حياة الطفل، نظامه الغذائي، ونشاطه البدني.
سادساً: المضاعفات المحتملة
إذا لم يُعالج ارتفاع ضغط الدم عند الأطفال، فقد يؤدي مع مرور الوقت إلى:
مشاكل في القلب (تضخم عضلة القلب).
تلف الكلى.
زيادة خطر الإصابة بالسكتة الدماغية أو أمراض القلب مستقبلاً.
سابعاً: طرق العلاج والوقاية
1. تغيير نمط الحياة:
تقليل استهلاك الملح في الطعام.
اتباع نظام غذائي صحي غني بالخضروات والفواكه.
ممارسة النشاط البدني بانتظام (مثل المشي أو ركوب الدراجة).
الحفاظ على وزن صحي مناسب للعمر والطول.
2. العلاج الدوائي:
في بعض الحالات التي لا يكفي فيها تعديل نمط الحياة، يصف الطبيب أدوية خاصة للأطفال للتحكم في ضغط الدم.
خاتمة
ارتفاع ضغط الدم ليس مقتصرًا على الكبار فقط، بل قد يُصيب الأطفال أيضًا لأسباب متعددة، منها الوراثية ومنها الصحية. التشخيص المبكر والتدخل المناسب يساهمان في حماية الطفل من المضاعفات المستقبلية. لذا، على الأهل مراقبة صحة أبنائهم بشكل دوري، والاهتمام بنمط حياة صحي متوازن يضمن نموًا سليمًا ونضارة مستمرة.




