فوبيا الخوف على الأبناء.. «وسواس الخوف».
بقلم/ الكاتبة الروائية
سها العسكري
خوف الأم على أبنائها شيء غريزي، لكن إذا زاد عن الحد المعقول يُصبح خوفًا مرضيًا.
يجب أن تُدركي عزيزتي الأم، أن الله تعالى هو الحافظ، وهو الرحيم بعباده، فالإنسان ليس بيده أن يدفع الشر أو يجلب النفع لنفسه؛ إلا ما كان مقدرًا ومكتوبًا له، فقط علينا أن نحصن أطفالنا كما وصانا رسولنا الكريم بالدعاء لهم.
أبناؤنا هم فلذات أكبادنا، ولا نحب أي إنسان كما نحب أبناءنا، فالخوف عليهم لا يحتاج إلى أسباب منطقية في الأصل، فهي فطرة، لا ترتبط بالبشر وحسب، بل نجدها أيضًا في خوف الحيوانات على صغارهم.
ولكن الهدف من الخوف هو حماية الأبناء، خاصة في المرحلة التي لا يمكنهم فيها العناية بأنفسهم، فلا يُعقل أن يستمر الخوف إلى باقي حياتهم، فيتحول في هذه الحالة إلى قيود حول أعناقهم وتسلط وفرض سيطرة، حيث يصبح فجأة الأهل عقبة في حياة أبنائهم، ومع مرور الوقت قد نجد الأبناء يلجأون للسرية وعدم البوح بأسرارهم، فتفسد علاقة الأهالي بالأبناء.
وسواس الخوف على الأبناء
يتجاوز الخوف على الأبناء حدوده الطبيعية في بعض الأحيان، ويتحول لشكل من أشكال الهوس، فلا يرتبط الخوف في هذه الحالة بأسباب منطقية، مثل الخوف عليهم من المرض أو الأماكن غير الآمنة، بل يمتد ليشمل كل شيء حرفيًا، حيث إنه قد يصل إلى رغبة الأهالي في عدم مغادرة أبنائهم المنزل نهائيًا، فيتحول إلى الحرمان من الحياة. وهنا نتحدث عن نوع من الأهالي الذين يغلب عليهم التشاؤم بشكل عام، فيميلون إلى افتراض الأسوأ دائمًا عند التفكير في كل الأمور.
فهذا خطأ فادح يرتكبه الأهالي، فلا بد للأبناء من ممارسة حياتهم الطبيعية التي تقتضي الخروج إلى العالم، فكثير من الأهالي يفضلون الالتصاق بأبنائهم ومشاركتهم كل الأنشطة خوفًا عليهم. فهذا يعود بالسلب على الأبناء ويؤثر على حياتهم الاجتماعية وحالتهم النفسية، ويؤدي أيضًا إلى إضعاف ثقتهم بأنفسهم، فالخوف يحرم الأبناء من الشجاعة والجرأة، فلا يختبرون الحياة ولا يمكنهم تطويرها.
كيف نتخلص من الخوف الزائد على الأبناء؟
لا داعي من حرمان أبنائنا من الحياة الصحية السليمة تحت مسمى الخوف. فالجبناء هم أبناء لأهل مذعورين، فيصعب الاطمئنان على الطفل الذي يفتقر الشجاعة، فحتمًا لن يجيد التصرف.
تخلص الأهالي من الخوف على أبنائهم هو عملية سهلة للغاية، تقوم على الإقناع العقلي بعدة أمور، أهمها الاقتناع بعدم قدرتنا على حماية أبنائنا إلى الأبد، وثانيها، الإيمان بحدود قدرتنا، فليست لنا سلطة على المرض والمستقبل والموت.
أما بالنسبة لكِ عزيزتي الأم، فأنصحك بممارسة تمارين الاسترخاء، فهي مفيدة في خفض التوتر والقلق والعصبية. حاولي أيضًا أن تشغلي نفسك بما هو مفيد وممتع، حتى لا يكون شغلك الشاغل هو مخاوفك على أبنائك، ولا تستسلمي لأفكارك الوسواسية والتشاؤمية، أنسِ تجارب
الماضي واستمتعي مع أبنائك بالحاضر، وتذكري دائمًا أن المستقبل بيد الله عز وجل.