تجويع الخلايا السرطانية.. هل يغني الامتناع عن اللحوم والألبان عن العلاج؟
في السنوات الأخيرة، انتشرت نظريات طبية تقترح أن “تجويع” السرطان عبر منع بعض المغذيات الأساسية قد يكون وسيلة فعالة للقضاء على الأورام الخبيثة. تعتمد هذه الفكرة على حقيقة أن الخلايا السرطانية شرهة جداً لبعض الأحماض الأمينية الموجودة بوفرة في البروتينات الحيوانية (اللحوم والألبان) مثل مادة “الميثيونين”. يعتقد أنصار هذا النهج أن حرمان الجسم من هذه المصادر يجبر الخلايا السرطانية على التوقف عن الانقسام، حيث تفتقر هذه الخلايا إلى المرونة الأيضية التي تمتلكها الخلايا السليمة. ومع ذلك، يحذر خبراء الأورام من مصطلح “التجويع حتى الموت”؛ فالجسم يحتاج إلى البروتينات لإعادة بناء الأنسجة التالفة ودعم الجهاز المناعي الذي هو خط الدفاع الأول ضد السرطان، مما يجعل المنع التام دون إشراف طبي دقيق مخاطرة قد تؤدي إلى ضعف عام وهزال (الدنف السرطاني) يسرع من تدهور الحالة.
تشير الدراسات الحديثة إلى أن التحول لنظام غذائي نباتي بالكامل قد يساعد في تقليل الالتهابات المزمنة في الجسم، وهي البيئة التي يزدهر فيها السرطان. اللحوم المصنعة والحمراء تحتوي على مركبات قد تحفز نمو الأورام، بينما تحتوي الألبان على هرمونات نمو طبيعية يخشى البعض أن تساهم في تغذية الخلايا السرطانية الحساسة للهرمونات. لكن العلم يفرق بين “الوقاية” و”العلاج”؛ فاتباع نظام نباتي قد يقلل من احتمالية الإصابة، ولكن بمجرد حدوث المرض، يصبح النظام الغذائي جزءاً من “علاج تكاملي” وليس بديلاً عن الكيماوي أو الإشعاعي. الخطر الحقيقي يكمن في إهمال العلاج الطبي المعتمد والاعتماد فقط على الحمية الغذائية، مما قد يؤدي إلى نمو الورم وانتشاره بينما يعاني المريض من سوء التغذية الحاد.
التوجه الأمثل في عام 2026 يميل نحو “التغذية الشخصية”، حيث يتم تقليل أنواع معينة من البروتينات الضارة مع الحفاظ على مستويات عالية من المغذيات الدقيقة ومضادات الأكسدة الموجودة في الخضروات والفواكه. إن استبدال اللحوم بالبقوليات والمكسرات يوفر أليافاً تساعد في توازن بكتيريا الأمعاء (الميكروبيوم)، والتي تلعب دوراً حاسماً في استجابة المريض للعلاجات المناعية. الخلاصة هي أن الغذاء سلاح ذو حدين؛ ففي حين أن تقليل اللحوم والألبان قد يضيق الخناق على بعض أنواع السرطان، إلا أن تطبيقه بشكل عشوائي قد يضعف المريض قبل أن يضعف المرض، لذا تظل الموازنة تحت إشراف اختصاصي تغذية أورام هي الطريق الأكثر أماناً وفعالية




