جيهان الغرباوي : قطع الغيار غالية نار

مقالات

جيهان الغرباوي : قطع الغيار غالية نار.

السيارة عالم كامل .. البعض يراها بيته، والبعض يحسها حبيبته ورفيقته على الطريق، والبعض يجدها صديقًا وفيًا، أو ربما عشرة العمر؛ وقد اكتشف أنه يقضي معها أكبر قدر من ساعات حياته، لكن رجلًا ما؛ ربما كان تاجرًا أو طبيبًا أو الاثنين معًا استهلم من السيارة فكرة جنونية؛ في غاية الخطورة، وهي أن جسم الإنسان يمكن أن يكون مثل السيارة الفارهة؛ كل قطعة فيها يمكن استبدالها أو بيعها حسب حالتها ووظيفتها وتاريخ الإنتاج والصلاحية.

من هنا جاءت الفكرة المفزعة؛ والأكثر جشعًا في العصر الحديث: تجارة وسرقة الأعضاء البشرية!

ومثلما عصابات سرقة السيارات؛ تكونت عصابات أخرى تخصصها سرقة الأعضاء البشرية وبيعها لمن يطلبها أو يحتاجها بسعر السوق، وكلما تقدم العلم؛ واكبه تقدم في الجريمة على مستوى العالم!

الغريب أن العلم رصد مؤخرًا نتائج غير متوقعة لبعض عمليات نقل الأعضاء؛ فعند نقل القلب مثلًا؛ تتغير طباع الشخص الذي يُنقل إليه القلب الجديد؛ ليكتسب صفات وميولًا وعواطف الشخص المتوفى صاحب القلب الأصلي!،

وهي فكرة سبقنا إليها خيال السنيما المصرية والعالمية. منها فيلم ليلى مراد زمن الأبيض والأسود؛ حين تعرضت لحادث سيارة ونقل إليها قلب جديد يحب رجلًا غير الذي كانت تحبه وتخطط للزواج منه قبل الحادث!

والفيلم الأمريكي «coma» أو «الغيبوبة»، عن غرفة العمليات التي توصل للمريض في خراطيم الأكسجين غازًا سامًا يُدخله في غيبوبة حتى الموت؛ ويحدد بعدها الطبيب الذي قام بالعملية الأعضاء التي يمكنه نزعها وبيعها، وتنقل بالطيران في وقت قياسي للأثرياء في أى مكان بالعالم؛ طالما يحتاجونها ويدفعون ثمنها الباهظ!

وللواقع بعيدًا عن السنيما تفاصيل أكثر غرائبية ورعبًا.. الدكتور اللواء أسامة الشناوي أستاذ القانون الجنائي بأكاديمية الشرطة، له دراسة مهمة وكتاب قيم عن تجارة الأعضاء البشرية؛ خلاصتها أن العصابة «في المستشفى»، وأحيانًا في «معمل التحليل»، وأطراف الجريمة «طبيب ومريض ومتبرع فقير»!

وللعلم القانون يسمح بالتبرع طالما يحدث ذلك لإنقاذ حياة المريض؛ وليس بهدف تجديد حيوية الجسم الذي يبحث عنه بعض الأثرياء، عن طريق طلب أعضاء شابة ذات عمر أقل وكفاءة أعلى!

وللتبرع وفق القانون عقد؛ لكنه مختلف؛ ولا تنطبق عليه الشروط الجزائية إذا تراجع عنه الأطراف، حيث يحق للمتبرع أن يلغي تبرعه ويتراجع، ولو قبل العملية بدقيقة واحدة!

أما إن كانت الزوجة هي المتبرعة أو الزوج، فيشترط أن يكون قد مضى على زواجهما أكثر من ٣ سنوات؛ لدفع أي شبهة للتحايل والتجارة.

وفي حالة إن كان المتبرع من المحكوم عليهم بالإعدام «وفي حالات كثيرة يكون متبرعًا بقرنية العين»؛ يتم التبرع برعاية شخص آخر له وصاية على المتبرع؛ لحماية المتبرع حتى لو كان محكومًا عليه بالإعدام من أي ضغط نفسي يؤثر على قراره.

ويرفض القانون المصري أن يكون المتبرع فوق الخمسين عامًا؛ أو أن يكون هناك أي ثمن مادي مقابل التبرع؛ غير المكافأة المعنوية إن وجدت، مثل حفل تكريم أو شهادة تقدير ليس أكثر.

ورصدت وزارة الصحة ومحاضر الشرطة وقائع كثيرة تم فيها النصب على الفقراء اليائسين؛ وقام فيها سماسرة الأعضاء بترتيب إجراءات يأخذون بها الأعضاء المطلوبة ثم لا يعطون أصحابها أي مقابل مادي تم الاتفاق عليه مسبقًا.
الفقر الشديد أمام الجشع والطمع وحب تملك كل شيء؛ جعل العالم مكانًا مخيفًا وغير آمن.

وصدق اللي قال «اللي عنده أخلاق أحسن من اللي عنده عربية هامر».

وكتبوها على التاكسى «الرجولة مالهاش قطع غيار»!
كل واحد يا إخوانا ياخد باله من نفسه ومن أعضائه.. ولو واحد قالك «إنت كنز.. إنت لا تقدر بتمن» صدقه!
متعكم الله بالصحة والعافية

وبهذه المناسبة أحب أسمع أغنيتي المفضلة في راديو العربية «بيع قلبك.. بيع ودك.. شوف الشارى مين».