في عصر تكثر فيه الحلويات والمشروبات المحلاة والأطعمة المعالجة، أصبح من الضروري على الأهل فهم الكمية المسموح بها من السكر للأطفال يوميًا، وتأثير الإفراط في تناوله على صحتهم الجسدية والنفسية. فالسكر، رغم كونه مصدرًا سريعًا للطاقة، إلا أن استهلاكه الزائد قد يؤدي إلى مشكلات صحية خطيرة تبدأ من الطفولة وتمتد إلى مرحلة البلوغ.
في هذا المقال، نوضح الكمية المناسبة من السكر للأطفال حسب التوصيات العالمية، ونتناول الآثار السلبية الناتجة عن الإفراط في استهلاكه، بالإضافة إلى نصائح عملية لتقليل استهلاك السكر لدى الأطفال.
أولًا: ما كمية السكر المسموح بها للأطفال يوميًا؟
وفقًا لتوصيات منظمة الصحة العالمية (WHO) وجمعية القلب الأمريكية (AHA)، فإن الحد الأقصى الموصى به لاستهلاك السكر المضاف (أي السكر الذي يُضاف إلى الأطعمة والمشروبات أثناء التحضير أو التصنيع) هو:
الأطفال من 2 إلى 18 سنة:
لا ينبغي أن يتجاوز استهلاك السكر المضاف 25 جرامًا في اليوم الواحد، أي ما يعادل 6 ملاعق صغيرة تقريبًا.
الأطفال دون سن الثانية:
يُفضل تجنب السكر المضاف تمامًا، لأن هذه المرحلة مهمة لنمو الدماغ وتشكيل العادات الغذائية السليمة.
ملاحظة: السكر الطبيعي الموجود في الفاكهة أو الحليب لا يُحسب ضمن هذا الحد، لأن هذه الأطعمة تحتوي على مغذيات ضرورية مثل الألياف والفيتامينات.
ثانيًا: مصادر السكر الخفية التي يستهلكها الأطفال
السكر لا يوجد فقط في الحلويات والكعك، بل يوجد بكميات كبيرة في:
المشروبات الغازية والعصائر الصناعية
الزبادي المُحلّى
حبوب الإفطار الجاهزة
الكاتشب وصلصات الطعام
البسكويت والمقرمشات المُغلفة
منتجات “قليلة الدسم” التي تُعوض قلة الدهون بإضافة السكر لتحسين الطعم
ثالثًا: ماذا يحدث إذا زاد استهلاك الطفل للسكر عن الحد الموصى به؟
1. زيادة الوزن والسمنة المبكرة
السكر الزائد يعني سعرات حرارية زائدة دون فائدة غذائية. ومع قلة النشاط البدني، يؤدي ذلك إلى تراكم الدهون وزيادة الوزن، ما يرفع خطر الإصابة بالأمراض المزمنة في المستقبل مثل السكري وارتفاع ضغط الدم.
2. تسوس الأسنان
يُعد السكر غذاءً للبكتيريا الموجودة في الفم، والتي تنتج أحماضًا تؤدي إلى تآكل طبقة المينا وتكوين التسوس، خاصة عند الأطفال الذين يتناولون الحلوى والمشروبات السكرية دون غسل الأسنان بانتظام.
3. اضطراب مستويات الطاقة
رغم أن السكر يمنح دفعة فورية من النشاط، إلا أن الجسم يتعامل معها بسرعة، مما يؤدي إلى هبوط مفاجئ في مستوى السكر بالدم بعد فترة قصيرة، مسببًا الإرهاق والتهيج وضعف التركيز.
4. تأثيرات سلوكية ومزاجية
تشير بعض الدراسات إلى أن الأطفال الذين يستهلكون كميات عالية من السكر قد يعانون من:
نوبات غضب وتقلبات مزاجية
ضعف الانتباه والتركيز
فرط النشاط أو الانفعال الزائد
5. الإصابة بالكبد الدهني
السكر الزائد، خاصة سكر الفركتوز الموجود في المشروبات الغازية، يُحوّل في الجسم إلى دهون تتراكم في الكبد، ما قد يؤدي إلى الكبد الدهني غير الكحولي، حتى في الأطفال.
6. الإدمان التدريجي على الطعم الحلو
الاستهلاك المستمر للسكر يجعل الطفل يعتاد على الطعم الحلو، ويرفض الأطعمة الصحية مثل الخضروات والفواكه، ما يؤدي إلى سوء التغذية على المدى الطويل.
رابعًا: كيف تُقلل من استهلاك طفلك للسكر بطريقة فعّالة؟
1. القراءة الدقيقة للملصقات الغذائية
تعلم كيفية قراءة كمية السكر (بالجرامات) على عبوات الطعام. وابحث عن أسماء أخرى للسكر مثل: شراب الذرة، الفركتوز، الجلوكوز، السكروز، العسل، المالتوز.
2. تقديم بدائل طبيعية
استخدم الفاكهة الطازجة لتحلية الزبادي أو الشوفان.
قدّم عصائر منزلية بدون سكر مضاف بدلًا من العصائر الجاهزة.
استبدل الحلوى الجاهزة بأطعمة منزلية تحتوي على كميات قليلة من السكر.
3. تعويد الطفل على الطعم الطبيعي
لا تُضيف السكر للحليب أو الزبادي أو عصير الفاكهة، وامنح الطفل وقتًا للتعود على الطعم الطبيعي.
4. تقليل الحلوى كمكافأة
لا تربط بين السلوك الجيد وتقديم الحلوى كمكافأة، فهذا يعزز من اعتماد الطفل العاطفي على السكر.
5. القدوة الحسنة
كن قدوة لطفلك في تقليل السكر، فإذا رأى أنك تفضل الأطعمة الصحية، سيتبعك بطبيعته.
السكر الزائد خطر صامت يؤثر على صحة الأطفال في جوانب كثيرة، بدءًا من السمنة وتسوس الأسنان، وانتهاءً بأمراض الكبد والاضطرابات السلوكية. من المهم أن يتعلم الآباء كيفية تنظيم استهلاك السكر في حياة أطفالهم، ليس بمنعهم تمامًا، بل بإعادة تشكيل العادات الغذائية تدريجيًا لتكون أكثر توازنًا وصحة.
إذا بدأت اليوم بخطوات صغيرة، ستصنع فارقًا كبيرًا في صحة طفلك مدى الحياة.



