في ظل التطور المتسارع لتقنيات الذكاء الاصطناعي، أصبح من الصعب أكثر فأكثر التفرقة بين الفيديوهات الحقيقية والمقاطع التي تم توليدها بواسطة الذكاء الاصطناعي (AI-generated videos). إذ بات بإمكان البرامج المتقدمة إنتاج وجوه واقعية، وحركات طبيعية، وصوت مطابق لأصوات بشرية حقيقية، مما جعل المستخدم العادي عرضة للتضليل أو الخداع. في هذا المقال سنشرح كيف يمكنك التفرقة بين مقاطع الفيديو الحقيقية والمزيفة (Deepfake) من خلال مجموعة من العلامات الدقيقة والنصائح التقنية.
أولاً: ما هي مقاطع الفيديو المزيفة بالذكاء الاصطناعي؟
مقاطع الفيديو المزيفة أو ما يُعرف باسم “ديب فيك” (Deepfake) هي مقاطع تم إنشاؤها أو تعديلها باستخدام خوارزميات الذكاء الاصطناعي وتقنيات التعلم العميق. تُستخدم هذه التقنيات لدمج وجوه أو أصوات أشخاص في فيديوهات لم يشاركوا فيها فعلاً، أو لتوليد مقاطع كاملة لا وجود لها في الواقع.
ورغم أن لهذه التقنيات استخدامات فنية وتعليمية إيجابية، إلا أنها أصبحت أيضًا أداة في حملات التضليل، أو لتشويه سمعة أشخاص، أو نشر أخبار كاذبة.
ثانياً: العلامات البصرية التي تكشف الفيديو المزيف
حركة الوجه غير المتناسقة
راقب بدقة تعابير الوجه وحركات الفم والعينين. في كثير من مقاطع الذكاء الاصطناعي، تكون حركة الشفاه غير متزامنة مع الصوت، أو تكون الابتسامات والوميض غير طبيعيين.
مشكلات في الإضاءة والظلال
أحياناً تكون الإضاءة على الوجه غير متوافقة مع خلفية المشهد، أو تختلف زاوية الظل عن الاتجاه الحقيقي للضوء.
ملامح الجلد والتفاصيل الدقيقة
إذا لاحظت نعومة مفرطة في الجلد، أو اختفاء المسام والتجاعيد الطبيعية، فربما يكون الفيديو قد تم توليده بالذكاء الاصطناعي.
العينان والنظرات
كثير من مقاطع الذكاء الاصطناعي تُظهر نظرات غير واقعية؛ فقد لا تتابع العينان الكاميرا بدقة، أو تظهر وكأنها تنظر في اتجاهات غريبة أو ثابتة بشكل غير طبيعي.
الوميض البطيء أو غير المنتظم
الأشخاص الحقيقيون يرمشون بمعدل ثابت وطبيعي، بينما قد يكون الوميض في الفيديوهات المزيفة بطيئاً أو غير متناسق.
ثالثاً: العلامات الصوتية
طبيعة الصوت غير الطبيعية
الأصوات المولدة بالذكاء الاصطناعي قد تبدو مسطحة أو خالية من الانفعالات الدقيقة، كالحماس أو الحزن الطبيع
عدم تطابق الصوت مع البيئة
إذا كان الصوت واضحاً جداً مقارنة بخلفية مليئة بالضوضاء، فربما تمت إضافته رقمياً.
الانتقالات الصوتية المفاجئة
أحياناً تحدث تغييرات طفيفة في نبرة المتحدث أو جودة الصوت بشكل مفاجئ داخل الجملة الواحدة، وهي علامة على التلاعب.
رابعاً: أدوات تساعدك على التحقق من الفيديو
استخدم أدوات كشف الفيديوهات المزيفة
مثل أدوات “Deepware Scanner” أو “Sensity AI” التي تحلل مقاطع الفيديو وتكتشف التلاعب.
البحث العكسي عن الفيديو
يمكنك استخدام أدوات مثل Google Lens أو InVID للبحث عن أصل الفيديو ومعرفة ما إذا كان قد تم تداوله سابقاً أو تم تعديله.
التحقق من الحسابات والمصادر
تأكد من أن الفيديو منشور من مصدر موثوق أو حساب رسمي. الحسابات المجهولة أو الجديدة قد تكون وراء نشر محتوى مزيف.
خامساً: نصائح لحماية نفسك من التضل
لا تصدق كل ما تراه على الإنترنت، خصوصاً إن كان الفيديو صادماً أو مثيراً للجدل.
قارن بين عدة مصادر موثوقة قبل مشاركة الفيديو أو تصديقه.
كن متيقظاً للمحتوى الذي يُستغل سياسياً أو عاطفياً، فغالباً ما تُستخدم الفيديوهات المزيفة في هذه المجالات.
تعلم أساسيات التحقق الرقمي لتكون أكثر وعياً في التعامل مع الأخبار المرئية.
سادساً: مستقبل مكافحة الفيديوهات المزيفة
تعمل كبرى المنصات مثل يوتيوب وتيك توك وميتا (فيسبوك) على تطوير أدوات جديدة للكشف عن المقاطع المزيفة التي تم إنشاؤها بالذكاء الاصطناعي. كما بدأت بعض الدول في سنّ قوانين تُجرّم استخدام تقنيات “الديب فيك” في الإساءة أو التضليل.
رغم صعوبة التمييز بين الفيديوهات الحقيقية والمزيفة مع تطور الذكاء الاصطناعي، فإن الوعي والشكّ الذكي هما خط الدفاع الأول. انتبه للتفاصيل الصغيرة، استخدم أدوات التحقق، ولا تنخدع بالواقعية الزائفة التي قد تصنعها الخوارزميات.




