أسباب جلطات القلب عند الشباب: انتبه!

صحة

أسباب جلطات القلب عند الشباب: انتبه!

لم تعد جلطات القلب (احتشاء عضلة القلب) مقتصرة على كبار السن فقط، بل أصبحت ظاهرة مقلقة ومتزايدة الانتشار بين الشباب أيضًا. هذا التحول يدعو إلى فهم أعمق للأسباب الكامنة وراء هذه الحالات، والتي غالبًا ما تختلف عن الأسباب التقليدية المرتبطة بالتقدم في العمر. إليك مقال مفصل حول أبرز الأسباب التي تؤدي إلى جلطات القلب عند الشباب:

1. عوامل نمط الحياة غير الصحية

تُعد عادات نمط الحياة الحديثة المتغيرة أحد أهم العوامل المساهمة في زيادة حالات جلطات القلب بين الشباب:

سوء التغذية والسمنة: يؤدي الاعتماد المتزايد على الأطعمة المصنعة، الغنية بالدهون المشبعة والمتحولة، والسكريات، إلى ارتفاع مستويات الكوليسترول الضار (LDL) والدهون الثلاثية، مما يساهم في تراكم اللويحات الدهنية في الشرايين (تصلب الشرايين). تزيد السمنة، خاصة سمنة البطن، من خطر الإصابة بمتلازمة التمثيل الغذائي ومقاومة الأنسولين، وكلاهما يزيد من خطر الإصطات القلبية.

قلة النشاط البدني: نمط الحياة الخامل يؤدي إلى ضعف الدورة الدموية، وزيادة الوزن، وارتفاع ضغط الدم، ومستويات السكر في الدم، وكلها عوامل خطر رئيسية لـ أمراض القلب.

التدخين وتعاطي المخدرات: التدخين، سواء السجائر التقليدية أو الإلكترونية، يدمر بطانة الأوعية الدموية ويزيد من لزوجة الدم، مما يسهل تكون الجلطات. كما أن تعاطي المخدرات مثل الكوكايين والأمفيتامينات يمكن أن يسبب تشنجًا حادًا في الشرايين التاجية، مما يؤدي إلى نوبة قلبية فورية.

الإجهاد المزمن وقلة النوم: يؤدي الإجهاد النفسي المستمر إلى إفراز هرمونات التوتر مثل الكورتيزول والأدرينالين، والتي يمكن أن ترفع ضغط الدم ومعدل ضربات القلب، وتزيد من الالتهاب في الجسم، مما يضر بالأوعية الدموية. كما أن قلة النوم الجيد تؤثر سلبًا على صحة القلب والأوعية الدموية.

2. الحالات الطبية الكامنة

بعض الحالات الطبية المزمنة قد تكون غير مشخصة أو مهملة لدى الشباب، مما يزيد من خطر الإصابة بجلطات القلب:

ارتفاع ضغط الدم: غالبًا ما يسمى “القاتل الصامت” لأنه لا تظهر عليه أعراض واضحة في مراحله المبكرة. إذا لم يتم التحكم فيه، يؤدي ارتفاع ضغط الدم إلى تلف جدران الشرايين، مما يجعلها أكثر عرضة لتراكم اللويحات الدموية وتكوين الجلطات.

السكري ومقاومة الأنسولين: يؤدي ارتفاع مستويات السكر في الدم بشكل مزمن إلى تلف الأوعية الدموية والأعصاب، ويزيد من خطر تصلب الشرايين. حتى في مرحلة ما قبل السكري (مقاومة الأنسولين)، يمكن أن تكون الأوعية الدموية قد بدأت تتأثر.

ارتفاع الكوليسترول الوراثي (فرط كوليسترول الدم العائلي): هي حالة وراثية تتسبب في مستويات عالية جدًا من الكوليسترول الضار في الدم منذ سن مبكرة، مما يؤدي إلى تصلب الشرايين المبكر وزيادة خطر الإصابة بالنوبات القلبية في سن الشباب.

أمراض المناعة الذاتية والالتهابات المزمنة: بعض أمراض المناعة الذاتية مثل الذئبة والتهاب المفاصل الروماتويدي، والالتهابات المزمنة بشكل عام، تزيد من خطر الإصابة بتصلب الشرايين وتكوين الجلطات بسبب الالتهاب المستمر الذي يؤثر على الأوعية الدموية.

اعتلال عضلة القلب: بعض الأمراض التي تصيب عضلة القلب نفسها، مثل اعتلال عضلة القلب التضخمي أو التوسعي، يمكن أن تزيد من خطر تكون الجلطات داخل القلب، والتي يمكن أن تنتقل وتسد الشرايين.

3. العوامل الوراثية والتاريخ العائلي

تلعب الوراثة دورًا هامًا في قابلية الفرد للإصابة بأمراض القلب:

التاريخ العائلي لأمراض القلب المبكرة: إذا كان أحد الأبوين أو الأشقاء قد أصيب بجلطة قلبية أو أمراض قلبية في سن مبكرة (أقل من 55 عامًا للرجال و 65 عامًا للنساء)، فإن هذا يزيد بشكل كبير من خطر الإصابة بنفس المشكلة.

الاستعداد الوراثي لتخثر الدم: بعض الأشخاص يمتلكون استعدادًا وراثيًا لتكوين الجلطات الدموية بسهولة أكبر (حالات مثل نقص البروتين C أو S، أو العامل الخامس لايدن)، وهذا قد لا يتم اكتشافه إلا بعد وقوع حدث تجلطي.

4. أسباب نادرة أو أقل شيوعًا

هناك بعض الأسباب الأقل شيوعًا ولكنها مهمة يجب أخذها في الاعتبار:

تسلخ الشريان التاجي التلقائي (SCAD): حالة نادرة تحدث عندما تتشقق طبقات جدار الشريان التاجي، مما يؤدي إلى تكون ورم دموي يضغط على الشريان ويعيق تدفق الدم. غالبًا ما يصيب النساء الشابات، خاصة أثناء الحمل أو بعد الولادة، ولكنه يمكن أن يحدث أيضًا لدى الرجال.

الجسور العضلية (Myocardial Bridging): تحدث عندما يمر جزء من الشريان التاجي داخل عضلة القلب بدلاً من السير على السطح الخارجي، مما يؤدي إلى انضغاط الشريان أثناء انقباض القلب، ويمكن أن يقلل من تدفق الدم ويسبب نقص تروية.

متلازمة الشريان التاجي مجهولة السبب (MINOCA): هي جلطة قلبية تحدث دون وجود انسداد كبير في الشرايين التاجية، وقد تكون ناجمة عن تشنج الأوعية الدموية، أو مشاكل في الأوعية الدموية الدقيقة، أو حالات تخثر الدم، أو اعتلالات في عضلة القلب.

اضطرابات تخثر الدم: مثل زيادة عدد الصفائح الدموية أو حالات فرط التخثر الوراثية أو المكتسبة.

في الختام:

نظرًا لتزايد حالات جلطات القلب بين الشباب، يصبح الوعي والوقاية ضروريين. يجب على الشباب تبني نمط حياة صحي يشمل التغذية المتوازنة، وممارسة الرياضة بانتظام، والإقلاع عن التدخين والمخدرات، وإدارة التوتر. كما يُنصح بإجراء فحوصات طبية دورية، خاصة إذا كان هناك تاريخ عائلي لأمراض القلب، للكشف المبكر عن أي عوامل خطر وعلاجها قبل تفاقمها. تذكر أن صحة قلبك هي استثمارك الأهم في المستقبل.