يُطلق عليه الأطباء لقب “القاتل الصامت”، لأنه غالبًا ما لا يُظهر أي أعراض حتى يُسبب مضاعفات خطيرة مثل النوبات القلبية، السكتات الدماغية، أو الفشل الكلوي. إنه ارتفاع ضغط الدم الصامت، أحد أكثر الأمراض شيوعًا وخطورة في العصر الحديث.
في هذا المقال، سنستعرض بشكل دقيق ومفصل أسباب ارتفاع ضغط الدم الصامت، وأهم طرق الوقاية منه، وفقًا لأحدث الإرشادات الطبية العالمية.
ما هو ارتفاع ضغط الدم؟
ضغط الدم هو القوة التي يمارسها الدم على جدران الشرايين أثناء ضخه من القلب. ويُقاس بقراءتين:
الانقباضي (Systolic): عند انقباض القلب.
الانبساطي (Diastolic): عند استرخاء القلب بين النبضات.
يُعد ضغط الدم طبيعيًّا إذا كان أقل من 120/80 ملم زئبقي.
ويُعد مرتفعًا عندما يصل إلى 130/80 ملم زئبقي أو أكثر، وفقًا لجمعية القلب الأمريكية.
لماذا يُسمى “الصامت”؟
لأن الشخص المصاب به غالبًا لا يشعر بأي أعراض واضحة، إلا بعد أن تُحدث الحالة مضاعفات خطيرة. لهذا يُعدّ الفحص الدوري لضغط الدم أمرًا بالغ الأهمية للكشف المبكر عن المرض.
أسباب ارتفاع ضغط الدم الصامت
تُقسم أسباب ارتفاع ضغط الدم إلى قسمين:
أولًا: ارتفاع ضغط الدم الأساسي (الأساسي مجهول السبب)
وهو الأكثر شيوعًا (90–95% من الحالات)، ولا يكون له سبب عضوي مباشر، لكن هناك عوامل تساهم في ظهوره:
الوراثة والتاريخ العائلي.
التقدم في العمر.
السمنة وزيادة الوزن.
قلة النشاط البدني.
النظام الغذائي غير الصحي (الغني بالملح والدهون المشبعة).
التدخين وتعاطي الكحول.
الضغوط النفسية المزمنة.
ثانيًا: ارتفاع ضغط الدم الثانوي
ويكون نتيجة لمشكلة صحية محددة، مثل:
أمراض الكلى المزمنة.
اضطرابات الغدة الكظرية أو الدرقية.
بعض الأدوية (مثل موانع الحمل، أو مضادات الالتهاب).
توقف التنفس أثناء النوم.
أعراض قد تظهر في الحالات المتقدمة
رغم أن معظم الحالات لا تظهر عليها أعراض، فإن بعض المرضى قد يعانون من:
صداع مستمر، خاصة في مؤخرة الرأس.
دوخة أو دوار.
خفقان القلب.
ضيق التنفس.
تشوش في الرؤية.
نزيف الأنف المفاجئ.
لكن هذه الأعراض غالبًا ما تظهر عند ارتفاع الضغط بشكل خطير، مما يعزز أهمية القياس الدوري.
مضاعفات ارتفاع ضغط الدم إذا تُرك دون علاج
أمراض القلب: تضخم عضلة القلب، فشل قلبي، نوبة قلبية.
السكتة الدماغية نتيجة تلف الأوعية الدموية الدماغية.
تلف الكلى، ما قد يؤدي إلى فشل كلوي.
مشكلات العين: مثل النزف أو فقدان البصر.
ضعف الذاكرة والتركيز بسبب تلف الأوعية الدموية في الدماغ.
طرق الوقاية من ارتفاع ضغط الدم الصامت
الوقاية تعتمد على تغيير نمط الحياة بشكل أساسي:
1. اتباع نظام غذائي صحي
تقليل الملح (الصوديوم) في الطعام.
الإكثار من الخضروات، الفواكه، الحبوب الكاملة.
تناول منتجات الألبان قليلة الدسم، والبروتينات الصحية.
الابتعاد عن الدهون المشبعة والمقلية.
يُنصح باتباع نظام DASH الغذائي (Dietary Approaches to Stop Hypertension).
2. الحفاظ على وزن صحي
السمنة من أبرز عوامل الخطر.
فقدان 4–5 كغ قد يؤدي إلى خفض ضغط الدم بدرجة ملحوظة.
3. ممارسة النشاط البدني بانتظام
150 دقيقة من النشاط المعتدل أسبوعيًّا (مثل المشي السريع).
يساعد على تحسين صحة القلب، وخفض الضغط، وتقوية الأوعية الدموية.
4. الإقلاع عن التدخين
التدخين يُضعف جدران الأوعية الدموية ويرفع ضغط الدم فورًا.
الإقلاع يُحسّن صحة القلب بشكل سريع.
5. الحد من الكافيين والكحول
الكافيين قد يرفع الضغط مؤقتًا لدى بعض الأشخاص.
يُفضَّل تقليل استهلاك القهوة والشاي بشكل معتدل.
6. تقليل التوتر النفسي
التوتر المزمن يرفع ضغط الدم من خلال إفراز هرمونات التوتر.
يُنصح بممارسة تقنيات الاسترخاء مثل التنفس العميق، اليوغا، والتأمل.
7. النوم الجيد
النوم أقل من 6 ساعات يوميًّا يرتبط بزيادة خطر الإصابة بارتفاع الضغط.
احرص على نوم مريح ومنتظم.
8. الفحوصات الدورية
يُوصى بقياس ضغط الدم مرة على الأقل كل عامين للبالغين.
الأشخاص المعرضون للخطر يُفضل أن يُتابعوا بانتظام مع الطبيب.
ارتفاع ضغط الدم الصامت مرض خفيّ لكن خطير، ويمكن أن يُسبب مضاعفات تهدد الحياة إذا لم يُكتشف ويُعالج في الوقت المناسب. لحسن الحظ، الوقاية منه ممكنة عبر أسلوب حياة صحي ومتوازن.
ابدأ اليوم بخطوات بسيطة نحو الوقاية، لأن الوعي هو خط الدفاع الأول ضد “القاتل الصامت”.




